قالت دراسة جديدة، نشرت هذا الأسبوع بمجلة "نيتشر"، إن الارتفاع الراهن في عدد الأعاصير الرئيسية بالمحيط الأطلسي هو القاعدة وليس الاستثناء.
ورأى محللون أن نتائج هذه الدراسة وغيرها ستقود إلى تساؤلات حول صدق التأكيدات التي تربط الاحتباس الحراري بتصاعد نشاط وعدد الأعاصير الرئيسية منذ منتصف التسعينيات الماضية.
ففي الفترة الواقعة بين عامي 1995 و2005 شهد المحيط الأطلسي ولادة أعاصير رئيسية متوسط عددها 1.4 في السنة، بينما كان متوسط الأعاصير التي تتكون في المحيط الأطلسي في العقود الثلاثة الماضية 5.1 أعاصير سنوياً، وفقاً لسجلات إدارة شؤون المحيطات والغلاف الجوي الأميركية.
وعزا بعض العلماء تصاعد النشاط الإعصاري في العقد الماضي إلى ارتفاع درجة حرارة سطح مياه المحيط الناجم عن الاحتباس الحراري، حيث تقوم مياه المحيط الدافئة بتغذية العواصف المتنامية بالطاقة والزخم لتصبح أعاصير.
وربط علماء آخرون تصاعد نشاط الأعاصير بضعف قوة دفع الرياح التي تقضب أعلى العاصفة لدى تكونها، وتمنعها من التكثف والاشتداد.
ويُعتقد أن ظروف ظاهرة "إلنينيو" في المحيط الهادي العام الماضي قد سببت زيادة قوة دفع الرياح، مما أدى إلى منع نشوء عواصف قوية، وإحباط تنبؤات عواصف موسم 2006.
ولدى اعتبار هذين العاملين المؤثرين في توليد الأعاصير، يطرح المراقبون سؤالا حول أيهما سيثبت صدقه في عالم يزداد حرارة؟
تكوين سجل الأعاصير
الأعاصير ظاهرة مناخية تفاقمت
خلال العقود الأخيرة (الفرنسي-أرشيف)
للإجابة عن هذا السؤال يسعى العلماء للنظر في نشاط الأعاصير في الماضي، مما يمكنهم من تحديد ما إذا كان النشاط الإعصاري الراهن مجرد قفزة حادة في السجل. غير أن الرصد الموثق لنشاط الأعاصير في المحيط الأطلسي يعود فقط إلى عام 1944، لذلك سيحتاج العلماء إلى الالتفات إلى مؤشرات أخرى.
وهكذا قام فريق من العلماء بفحص الشعب المرجانية في البحر الكاريبي وفيض من عوالق حيوانية ونباتية معينة في مياهه، للنظر في كيفية تأثير النشاط الإعصاري على هاتين الفئتين، من خلال تغيره على مدى 270 عاماً.
وتمكن العلماء من جمع بيانات حول المرجان استخلصوا منها بيانات مباشرة حول الأعاصير، وتمكنوا من إعادة تكوين سجلات تاريخية حول درجات حرارة مياه سطح البحر وقوة دفع الرياح، على مدى 270 عاماً، على نحو يسمح لهم بتكوين فكرة حول الحالة التي كان عليها النشاط الإعصاري.
الرياح وحرارة المياه
"
إذا ما استمر ارتفاع حرارة مياه سطح البحر، يمكن عندها للعواصف أن تدوم لزمن أطول، وأن تتولد بشكل أكثر تكراراً، وأن تصبح أكثر كثافة واشتداداً
"
وجد العلماء أن وتيرة انخفاض عدد الأعاصير بين الأربعينيات والسبعينيات الماضية قد تكرر أيضاً لدى إعادة تكوين السجل التاريخي للأعاصير، ويمكن أن يعزى إلى قوة دفع الرياح المتعاظمة، وهي غالباً التي كبتت تكوين الأعاصير.
كذلك استخدم العلماء إعادة تكوين السجل التاريخي لمقارنة التصاعد الراهن في النشاط الإعصاري بالمراحل المماثلة له في الماضي، ووجدوا أن التصاعد الراهن ليس استثنائياً.
ورغم أن درجات حرارة مياه سطح البحر ارتفعت بسبب الاحتباس الحراري في القرن الماضي، فإن العلماء يقولون إن تعاظم قوة دفع الرياح عامل أرجح من الطاقة أو الزخم الذي قد تتلقاه الأعاصير من ارتفاع حرارة المياه في تفسير تراجع الأعاصير بين الأربعينيات والسبعينيات الماضية.
وخلص العلماء إلى أنه إذا تراجعت قوة دفع الرياح، وهو ما قد يحدث مع تراجع ظاهرة إلنينيو، وإذا ما استمر ارتفاع حرارة مياه سطح البحر، فإنه يمكن عندها للعواصف أن تدوم لزمن أطول، وأن تتولد بشكل أكثر تكراراً، وأن تصبح أكثر كثافة واشتداداً.
المصدر:الجزيرة